أنواع توثيق الدراسات العلمية

أنواع توثيق الدراسات السابقة

تعد الدراسات السابقة جزءًا أساسيًا من أي بحث علمي أو دراسة أكاديمية، حيث توفر أساسًا معرفيًا يساعد في فهم الظواهر أو المشكلات التي يجري البحث عنها. تعتبر عملية توثيق هذه الدراسات من العمليات الهامة التي تسهم في توضيح الإطار النظري الذي يستند إليه الباحث. وتتعدد أساليب وأدوات توثيق الدراسات السابقة تبعًا لنوع البحث العلمي والموضوع المدروس، بالإضافة إلى القواعد المعتمدة من قبل المؤسسات الأكاديمية المختلفة. في هذا المقال، سنستعرض أنواع توثيق الدراسات السابقة، مع توضيح كيفية استخدامها بالشكل الأمثل في سياق البحث العلمي.

1. التوثيق بالأسلوب الببليوغرافي (المرجعي)

التوثيق الببليوغرافي هو الأسلوب الأكثر استخدامًا في توثيق الدراسات السابقة، ويعتمد هذا الأسلوب على إدراج معلومات تفصيلية حول كل دراسة يتم الرجوع إليها. تشمل هذه المعلومات اسم المؤلف، عنوان البحث أو الكتاب، سنة النشر، ومكان النشر، بالإضافة إلى تفاصيل إضافية مثل عدد الصفحات واسم الدورية أو الكتاب الذي تم نشر الدراسة فيه. يمكن استخدام الأسلوب الببليوغرافي بشكل فردي أو في سياق مراجع مرجعية شاملة.

في هذا النوع من التوثيق، تتنوع الأشكال بين أسلوب التوثيق داخل النص (الاستشهاد داخل النص) والمرجع الكامل الذي يظهر في قائمة المراجع في نهاية البحث. يعتمد الباحثون على أنماط مختلفة مثل أسلوب “APA”، “MLA”، و”Chicago” في كتابة المراجع بشكل دقيق ومنظم.

أ. التوثيق باستخدام أسلوب APA

أسلوب “APA” (الجمعية الأمريكية لعلم النفس) هو من أكثر الأساليب استخدامًا في العلوم الاجتماعية والإنسانية. يعتمد هذا الأسلوب على تقديم اسم المؤلف وسنة النشر داخل النص، مع إضافة مرجع كامل في نهاية البحث. على سبيل المثال:

• داخل النص: (إدريس، 2019)

• في قائمة المراجع: إدريس، ع. (2019). مفاهيم دراسات الأعمال. دار النشر: القاهرة.

ب. التوثيق باستخدام أسلوب MLA

يعتمد أسلوب “MLA” (رابطة اللغة الحديثة) على تقديم المعلومات بطريقة مختصرة، وعادة ما يستخدم في الأدب والفنون. يركز هذا الأسلوب على تقديم اسم المؤلف ورقم الصفحة عند الاستشهاد.

• داخل النص: (إدريس 45)

• في قائمة المراجع: إدريس، علي. مفاهيم دراسات الأعمال. القاهرة: دار النشر، 2019.

ج. التوثيق باستخدام أسلوب Chicago

أسلوب “شيكاغو” هو أسلوب مرجعي آخر يعتمده العديد من الباحثين في شتى التخصصات. يتيح هذا الأسلوب استخدام كل من التوثيق داخل النص أو الاستشهادات الهوامشية، مما يمنح الباحث مرونة أكبر في اختيار الأسلوب الذي يتناسب مع طبيعة بحثه.

• داخل النص: (إدريس 2019)

• في قائمة المراجع: إدريس، علي. مفاهيم دراسات الأعمال. القاهرة: دار النشر، 2019.

2. التوثيق باستخدام الاستشهاد داخل النص

يتضمن هذا النوع من التوثيق الإشارة إلى الدراسات السابقة داخل النص نفسه بطريقة موجزة، بحيث يذكر الباحث اسم المؤلف وتاريخ النشر مباشرة بعد ذكره للمعلومة المستخلصة من الدراسة. هذا الأسلوب يتيح للباحث توثيق المصادر بشكل مختصر دون الحاجة لإضافة تفاصيل مطولة.

في أسلوب الاستشهاد داخل النص، يمكن أن تكون طريقة الإشارة للمراجع إما بترتيب زمني (حسب سنة النشر) أو وفقًا لتسلسل أبجدي. يُستخدم هذا النوع بشكل أساسي في أساليب توثيق مثل “APA” و”MLA” و”Harvard”.

• مثال على الاستشهاد داخل النص:
  “وفقًا لإدريس (2019)، فإن هناك علاقة قوية بين التغيرات المناخية وأداء المحاصيل الزراعية.”

3. التوثيق باستخدام الهوامش

التوثيق باستخدام الهوامش أو الحواشي السفلية هو أسلوب قديم كان يُستخدم بشكل رئيسي في الأدب الكلاسيكي والمجالات التاريخية. يتضمن هذا الأسلوب وضع رقم مرجعي بجانب النص، ويُذكر المصدر الكامل في أسفل الصفحة أو في نهاية الفصل. هذا الأسلوب يساعد في الحفاظ على تدفق النص دون انقطاع أو تشويش.

• مثال على التوثيق باستخدام الهوامش:
  “لقد أظهرت العديد من الدراسات أن هناك علاقة إيجابية بين التعليم والدخل (إدريس، 2019).”
  وفي أسفل الصفحة:
  “إدريس، علي. دراسات حول تأثير التعليم على الدخل. القاهرة: دار النشر، 2019.”

4. التوثيق باستخدام الربط الإلكتروني

في العصر الرقمي الحالي، أصبح التوثيق الإلكتروني أحد الطرق الشائعة لتوثيق الدراسات السابقة. يتم توثيق الدراسات من خلال تضمين الروابط الإلكترونية للمقالات أو الدراسات التي تم الاطلاع عليها عبر الإنترنت. هذا النوع من التوثيق يعتمد على توفير الوصول المباشر إلى المصادر باستخدام الروابط.

على الرغم من سهولة استخدام هذه الطريقة، إلا أنه ينبغي على الباحث التأكد من أن المصادر الإلكترونية التي يتم توثيقها موثوقة وموثقة بشكل جيد. يتم تضمين الروابط الإلكترونية داخل النص أو في قائمة المراجع.

• مثال على التوثيق الإلكتروني:
  “إدريس، علي. دراسات حول تأثير التعليم على الدخل. متاح على: www.example.com (تم الدخول في 5 يونيو 2022).”

5. التوثيق باستخدام الترجمة والمراجع الثانوية

أحيانًا قد يكون من الصعب الوصول إلى النصوص الأصلية لدراسات معينة. في مثل هذه الحالات، يعتمد الباحثون على الترجمة أو الدراسات الثانوية التي تناقش أو تشرح الدراسات الأصلية. يتطلب هذا النوع من التوثيق إشارة إلى المصدر الثانوي بالإضافة إلى ذكر الدراسة الأصلية التي تم استخدامها.

• مثال على التوثيق باستخدام الترجمة:
  “في دراسة أجراها إدريس (2019) حول تأثير التعليم على الدخل، تم ذكر أهمية المعرفة بالاقتصاد المحلي (منقولة عن: سعد، 2020).”

6. التوثيق باستخدام التواريخ والسياقات التاريخية

في بعض الأبحاث التاريخية أو الفلسفية، يتطلب الأمر أن يتم توثيق الدراسات السابقة بطريقة تاريخية، حيث يتم الإشارة إلى تاريخ نشر البحث أو التطورات التي أدت إلى ظهور هذا البحث. يركز هذا النوع من التوثيق على علاقة الدراسات السابقة بالسياقات الزمنية والاجتماعية.

7. التوثيق باستخدام الانطباع الشخصي

في بعض الأحيان، قد يذكر الباحثون الدراسات السابقة وفقًا لتجاربهم أو انطباعاتهم الشخصية التي شكلت رؤيتهم حول الموضوع. قد يتضمن هذا النوع من التوثيق إشارة إلى مقاطع معينة من الدراسات مع ذكر الملاحظات والتفسيرات التي تم استخلاصها.

• مثال على التوثيق بالانطباع الشخصي:
  “لقد وجدنا أن نتائج الدراسة التي أجراها إدريس (2019) تعكس بصورة كبيرة التطورات التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة.”

8. التوثيق باستخدام القوائم أو الجداول

في بعض الأحيان، قد يستخدم الباحثون جداول أو قوائم لتوثيق الدراسات السابقة بطريقة منظمة ومرتبطة. هذا الأسلوب يتيح للباحث عرض الدراسات بشكل مرئي يسهل متابعته، مع إشارة إلى تفاصيل مثل المؤلف، السنة، العنوان، والنتائج الرئيسية.

• مثال على التوثيق باستخدام الجدول:

9. التوثيق باستخدام العروض التقديمية أو الوسائط المتعددة

في بعض الأحيان، يتم استخدام العروض التقديمية أو وسائل الإعلام المتعددة (مثل مقاطع الفيديو أو المواد الصوتية) لتوثيق الدراسات السابقة. يتم الإشارة إلى هذه الوسائط في النص من خلال تضمين الروابط أو الإشارة إليها كمصادر.

الخاتمة

إن عملية توثيق الدراسات السابقة تتطلب دقة وتنظيمًا شديدين، حيث يُعتبر توثيق المصادر أحد الأسس التي يقوم عليها البحث العلمي. يختلف الأسلوب المناسب لتوثيق الدراسات السابقة باختلاف تخصص البحث وطبيعته. يتعين على الباحث أن يختار الأسلوب الأكثر توافقًا مع معايير البحث العلمي المعتمدة في مجاله، وأن يحرص على توثيق المصادر بدقة لضمان مصداقية البحث وموثوقيته.